
قد يفترض ابنك البالغ من العمر ثلاث سنوات أنك خبيرة الأرصاد الجوية الأكثر شهرة في العالم. ولا يمل من سؤالك كل يوم وأحيانًا عدة مرات في اليوم أسئلة مثل، “لماذا يوجد ضباب اليوم؟” أو “لماذا الجو مشمس الآن يا أمي؟”
قد تشعرين حينها بالإطراء لأنه يعتقد أنك خبيرة بالطقس، لكن في معظم الوقت تجدين صعوبة في الإجابة على أسئلة طفلك. ولا يتعلق الأمر بصعوبة شرح سبب قرار الشمس أن تشرق لأنها أرادت منح القمر فترة راحة. بغض النظر عن مدى ملائمة هذه الإجابة لسن الطفل. إن سماع الأسئلة التي تبدأ بكلمة “لماذا” يمكن أن يصبح أمرًا مرهقًا. إن السؤال بحد ذاته ليس هو التحدي، ولكن التحدي هو عدد مرات طرح السؤال.
يعرف جميع الآباء والأمهات أن عليهم الاستعداد حتمًا لهذه المرحلة في حياة الطفل. وهي المرحلة التي يزداد فيها فضول الطفل فجأة ويبدى رغبته في معرفة السبب وراء كل شيء.
قد تعتقد بأنك قادر على التعامل مع هذه المرحلة الجديدة بسهولة، ولكن عندما تبدأ في الإجابة على أسئلة طفلك بعبارة “طفلي العزيز، أحيانًا لا توجد إجابات”، ستعلم أنك بحاجة إلى بعض المساعدة، لذلك إليك نصائح الخبراء بهذا الشأن.
الأطفال الصغار لا يسألون عن الأشياء بهدف استفزازك
بقدر ما يمكن أن يكون مزعجًا، فإن السبب وراء أسئلة الطفل المتكررة هي أن المرحلة هي علامة فارقة جيدة ومناسبة من الناحية التنموية. وهذا يمثل انعكاسًا لذلك الفضول العميق الذي يعد أساسًا لحدوث تعلم مهم في هذه الفترة العمرية من طفولتهم.
إن تذكير نفسك بهذا يساعد بالتأكيد. فلا بأس إن كنت ترغب في شد شعرك والركض والصراخ في أنحاء المنزل عندما يسأل طفلك عن كيفية عمل الكهرباء للمرة العاشرة على التوالي ، ولكن إذا كنت تتذكر أنهم لا يحاولون في الواقع تحطيمك عقليًا وعاطفيًا وجسديًا ، قد يكون أفضل استعدادًا لمواجهة أسئلتهم المستمرة بقليل من الصبر. فطفلك يحاول فهم العالم من حوله.
ولكن من المهم التمييز بين الأسئلة الاستكشافية والأسئلة المتعلقة بتحدي القواعد أو سوء التصرف. على سبيل المثال، قد تسمع سؤال يقول: “لماذا تمتلك الخيول ذيول؟” وفى المقابل قد يسأل طفلك:” لماذا أنت لئيم؟” يجب أن تحدد طبيعة أسئلتهم كيفية إجابتك.
بالنسبة للسؤال الأخير، قد ترغب في أن تقول، “أنا آسف لأنك تشعر بهذه الطريقة،” وإنهاء المحادثة هناك، أو تشرح لطفلك أن مثل هذه الأسئلة تؤذي مشاعرك، والمضي قدمًا في هذه الحالة أفضل من تصعيد الأمور. وتذكر بأن وظيفتك هي تربية عضو سليم وفعال في المجتمع. ويمكن أن يكون التصرف الرافض أو الإزعاج ضارًا، لذلك ليس من السابق لأوانه أبدًا البدء في وضع الأشياء في مكانها للمساعدة في الشعور باحترام الذات. وهذا يعني تعزيز فضولهم، ولكن يمكنك شرح سبب عدم ملاءمة السؤال عندما يحاولون استفزازك بحق.
هناك عدة استراتيجيات للمساعدة في التعامل مع أسئلة الطفل الصغير
هذا لا يعني أن الآباء والأمهات دائمًا لديهم الإمكانيات العقلية للإجابة على كل سؤال يطرح نفسه. ففي النهاية، نحن بشر. وفى كل الأحوال يمكنك أن تخبر أطفالك مع تقدمهم في السن وعندما لا تستطيع تجهيز الإجابة على أي سؤال أن يجروا بحثًا بأنفسهم للعثور على إجابة على أحد أسئلتهم. وهكذا يعرف الطفل أن والديه يهتمان بما يعتقده ويثير اهتمامه، فهذا هو مفتاح التطور العاطفي. لذا استخدم اسئلتهم كفرصة للتعلم. وأظهر لهم أنه لا بأس في أن يكونوا فضوليين. فالفضول وحب المعرفة يساعد على تعزيز ثقتهم. ولكن قبل إخبارهم بمهمة البحث قل لهم هذه العبارة: “أحب سؤالك ولا يمكنني الانتظار لمعرفة ما تكتشفه عبر بحثك الخاص.”
لمنح نفسك فترة راحة يمكنك استخدام تكتيكات المماطلة مثل القول، “هذا سؤال رائع – هل يمكننا العودة إليه بعد قليل؟” فالآباء والأمهات المشغولين يمكنهم محاولة إعادة توجيه طفلهم لقراءة كتاب أو غناء أغنية أو عد أصابعهم لشراء بعض الوقت عندما يخرج سيل من أسئلة “لماذا؟” من فم طفلك. فهذه الأنشطة محفزة وممتعة فكريا، بينما توفر للطفل الصغير بعض الاستقلالية.
إلى جانب إخبار طفلك بأنك ستعود إلى سؤاله لاحقًا، يمكنك بدء مكالمة فيديو مع صديق أو أحد الأجداد وجعلهم يتولون مهمة إجابة السؤال لفترة من الوقت. أو يمكنك أن تطلب من طفلك وضع فرضياته الخاصة، ومعرفة ما إذا كان بإمكانه الوصول إلى الاستنتاج الصحيح بمفرده. بعد ذلك، أخبر طفلك أنك ستكتب أسئلته وتبحث عن الإجابات، حتى تتمكن من توفير بعض الوقت دون أن تجعله يشعر بالرفض.
في النهاية، الحل هو الصبر
لا يمكنك حقًا إخبار الأطفال الصغار بالقيام بأبحاثهم الخاصة، لذلك ستضطر إلى الالتزام بها لفترة من الوقت – وهذا الكم من الوقت غير محدد. للأسف، لا يوجد إطار زمني محدد لأسئلة الطفل وفضوله. الأمر الذي يتطلب صبر الوالدين. فما بين وقت الولادة وسن الخامسة يتطور دماغ طفلك أكثر من أي فترة أخرى في الحياة.
لذا نحن بحاجة إلى أن نأخذ أنفاسًا عميقة ونبذل قصارى جهدنا لرعاية هذا التطور. لا تتوقف الأسئلة عند اليوم الذي يبلغ فيه الطفل الخامسة من العمر ، ولكن عندما يدخلون المدرسة الابتدائية ويخرجون من سنوات الأطفال الصغار ، يجب أن تفسح مرحلة “لماذا” الكاملة المجال للمرحلة التالية من التطور ، وهي مرحلة بها عدد أقل من الأسئلة .
بغض النظر عن استراتيجيات الخبراء التي تستخدمها، من المهم ألا تجعل الطفل يشعر بأن أسئلتهم ليست مهمة. أحد الأخطاء الشائعة التي يمكن للوالدين تجنبها هو ببساطة قول “لا أعرف” وإنهاء المحادثة هناك. غالبًا ما يحاول الأطفال تكوين روابط مع أولياء أمورهم بكل ما لديهم من أسئلة، لذا فإن إنهاء المحادثة يرسل رسالة مفادها أن فضولهم لا يستحق وقتك. من الجيد أيضًا ومن الصحي أن تعترف أنك لا تعرف الإجابة، ولكنك تريد أن تتعلم أيضًا. فهذه فرصة لتعليمهم أن عدم معرفة الإجابة ليس فشلًا، ولكنه في الواقع دعوة للاستكشاف والتعلم.
لذا، إذا كانت الساعة الخامسة مساءً ، فأنت مرهق من التوفيق بين العمل ورعاية الأطفال وتشعر أنه لا يمكنك الإجابة على سؤال آخر ، فقط ذكر نفسك أن هذه المرحلة لن تستمر إلى الأبد. صدق أو لا تصدق، قد تفوتك حقًا عندما تختفي. ينظر العديد من الآباء الذين كانوا محبطين ومرهقين إلى الوراء على هذه المرحلة ويشتاقون إلى تلك المحادثات الخاصة مع أطفالهم الصغار”. فهى تمر بسرعة لذا فقط حاول أن تجد الجمال في كل شيء.