
ما السبيل إلى تحقيق أهدافنا في الحياة؟
ربما يعتبر العمل الجاد واكتساب مهارات جديدة والحفاظ على التركيز من الأمور المهمة، ولكن من أهم الأشياء التي نحتاجها بالتأكيد هو التحفيز. فقدان الحافز يمكن أن يوقفنا في منتصف الطريق. يمكن أن يجعلنا نماطل ونؤجل، ونشك في مهاراتنا وقدراتنا، ويحرفنا عن سبيل النجاح وفي أسوأ الحالات، يمكن أن يؤدي فقدان الدافع إلى تدمير أهدافنا وقتل أحلامنا.
من أين يأتي الدافع؟
يبدأ الدافع بالأفكار والمواد الكيميائية في أدمغتنا ويستمر في التطور في عقولنا ويتشكل من خلال سلوكياتنا. هذا هو السبب في أن علم الأعصاب، وهو دراسة وظيفة الدماغ، مهم للغاية لفهم دوافعنا وحوافزنا.
عندما نفهم أساسيات علم الأعصاب، يمكننا برمجة أدمغتنا حتى نحافظ على دوافعنا ونبقى متحفزين لتحقيق أكبر أهدافنا في الحياة.
يرغب الانسان دومًا في تجنب الألم وتجربة المتعة، ويعتمد سلوك السعي لتجربة المتعة على نظام المكافأة العقلية الذي تتحكم فيه أدمغتنا. نظام المكافآت هذا هو ما يحفزنا ويساعدنا على تحقيق أكبر أهدافنا وأحلامنا.
عندما تفعل شيئًا ممتعًا، يفرز دماغك الدوبامين ليمنحك شعورًا بالرضا عقليًا وجسديًا. يحدث هذا عادةً عندما نأكل الأطعمة المفضلة لدينا أو نحظى بمحادثة رائعة مع شخص ما، أو نفعل شيئًا آخر نستمتع به حقًا. في كل مرة نشعر بالسعادة لفعل شيء ما، تتذكر أدمغتنا ما جعلنا نشعر بالرضا. إنه في الواقع يحدد قيمة المكافأة لكل ما نقوم به.
على سبيل المثال، قد يكون لتناول شريحة من البيتزا المفضلة لدينا قيمة مكافأة أعلى من شرب عصير، وأن تذهب في العطلة خارج بلدك سيكون له قيمة مكافأة أعلى من مشاهدة نافورة المياه في مدينتك.
حتى أن أدمغتنا تفرز الدوبامين قبل أن ننخرط في تلك الأشياء التي تجعلنا سعداء. إن توقع المكافأة وليس المكافأة نفسها هي التي لها التأثير الأقوى على ردود أفعالنا العاطفية وذكرياتنا لما هو ممتع. مجرد التخطيط لتلك العطلة عن طريق التحقق من مواقع مختلفة على موقع السفر أو النظر إلى الأشياء التي نرغب في شرائها على الانترنت يحفز نظام المكافآت لدينا عن طريق إطلاق الدوبامين.
وكذلك التفكير في بدء مشروع في العمل والذي نشعر بالحماس له حقًا يؤدي إلى تنشيط نظام المكافآت الخاص بنا. هذا الشعور بالمتعة الذي تولده أنظمة المكافآت العقلية لدينا هو ما يخلق سلوكًا يسعى إلى المكافأة وهو جزء كبير من التحفيز.

كيف تبرمج نظام المكافآت في دماغك
فيما يلي أربع طرق لبرمجة نظام المكافآت في دماغك للبقاء متحمسًا.
1. تجنب الإجهاد المفرط
ترتبط المستويات العالية من التوتر بالالتهابات المزمنة، والتي يمكن أن تؤدي إلى انخفاض دافعنا. والالتهاب المزمن الناتج عن الإجهاد قد يسبب تفاعلًا كيميائيًا في الجسم يقلل إمدادات الدوبامين في الدماغ.
يمكن أن تساعدنا المستويات المنخفضة من التوتر في الواقع على أداء أفضل من خلال جعلنا أكثر يقظة. اندفاع الأدرينالين الذي نحصل عليه من الإجهاد يمكن أن يمنحنا الطاقة والحافة لبذل قصارى جهدنا. ولكن عندما تكون مستويات التوتر عالية، يمكن أن يضر الإجهاد بأجسامنا وعقولنا ودوافعنا.
يمكن أن يؤدي الضغط الشديد إلى الإرهاق. وفي أسوأ الحالات، يمكن أن يتسبب ذلك في ترك الأشخاص للمشاريع أو ترك وظائفهم أو مشاكل عقلية مثل القلق أو الاكتئاب أو مشاكل صحية مثل أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم وغيرها. قلل من التوتر قدر الإمكان عن طريق ممارسة تمارين التنفس العميق أو التأمل أو الجري أو ممارسة الرياضة بانتظام.
2. استخدم الخيال
هناك طريقة رائعة للبقاء متحفزًا وهي تخيل تحقيق الهدف – على الرغم من أنك لم تكمله بعد. يؤدي التخيل في الواقع إلى إفراز الدماغ للدوبامين. هذا يجعلنا نرى مكافآتنا المستقبلية بشكل أكثر وضوحًا ونسعى لها بحماس أكبر.
عندما تفرز أدمغتنا الدوبامين ونشعر باندفاع النشوة في دماغنا، يسجل تلك اللحظات الممتعة في ذاكرتنا طويلة المدى. كلما تصورنا النجاح، كلما ربطت أدمغتنا هذا النجاح المتخيل بمشاعر ممتعة.
عندما نتخيل مستقبلًا أفضل، يكون لدينا الدافع لمواصلة المضي قدمًا والتغلب على العقبات في طريقنا. هذا هو السبب في أن الناس يعملون بجد للحصول على علاوات وترقيات، واستثمار أموالهم، وتعليم أولادهم في الجامعة، والقيام بأشياء أخرى تساعدهم أو تساعد الآخرين على النجاح لاحقًا في الحياة.
3. استمر في النمو
عندما تفعل نفس الأشياء مرارًا وتكرارًا، فإن افراز الدوبامين يميل إلى أن يصبح أقل وأقل. والطريقة الرائعة للبقاء متحفزًا هي الاستمرار في النمو من خلال القيام بأشياء أكبر وأعقد.
نفذ مشاريع أكبر وأكثر تحديًا في العمل أو مثلًا بمجرد أن تصل إلى مرحلة الجري أو اللياقة البدنية، ابدأ العمل نحو إنجاز أكبر. إذا كنت تتحدث لغة أجنبية بطلاقة، فتعلم كيفية إجراء محادثات فلسفية أكثر تعقيدًا. إذا كان لديك نشاط تجاري خاص بك، فابحث عن طرق لاكتساب المزيد من العملاء حتى تتمكن من تحقيق المزيد من الأرباح. استمر في تعلم مهارات جديدة تخرجك من منطقة الراحة الخاصة بك.
إن مواجهة تحديات أكبر يساعد نظام المكافأة في دماغنا على الاستمرار في تعيين قيم مكافأة عالية للأشياء التي نقوم بها. ابدأ بتحقيق أهداف صغيرة. بينما تتراكم المزيد والمزيد من المكاسب الصغيرة، شق طريقك نحو أهداف أكثر تحديًا.
4. جرب إعادة صياغة التحديات
إذا غيرت الطريقة التي تنظر بها إلى الأشياء، فإن الأشياء التي تنظر إليها تتغير.
هناك طريقة رائعة أخرى لاختراق نظام المكافآت في دماغك وهي تغيير الطريقة التي تنظر بها إلى التحديات في حياتك. هناك مشكلة شائعة تتمثل في أن العديد من الأشخاص يرون أن العمل الصعب يمثل عقبة أو مجرد شيء لا يحبون القيام به.
تتمثل الاستراتيجية الجديدة في النظر إلى المواقف الصعبة والعقبات كفرص ستساعدك أنت ومن حولك على النمو. سيساعدك هذا في النظر إلى الأشياء الصعبة من منظور إيجابي والتطلع بالفعل إلى تنفيذها بدلاً من الخوف منها.
عندما نرى الأشياء الصعبة على أنها فرص عظيمة، سنبدأ في التطلع إليها. عندما نتطلع إلى القيام بالأشياء، فإن ذلك يجعل نظام المكافآت في أدمغتنا يكافئنا بمزيد من الدوبامين، ويزيد من فرص أن ننظر إلى المشاكل المستقبلية على أنها فرص للنمو.
إن الحافز هو جزء أساسي ومهم للتطور الشخصي والمهني ولهذا السبب تحظى مقاطع الفيديو والخطب التحفيزية بشعبية كبيرة. إن جزءًا أساسيًا من البقاء متحمسين حتى في أحلك الظروف، وفهم كيفية عمل أدمغتنا هو الفهم الجيد لنظام المكافأة في دماغنا والمواد الكيميائية والمسارات التي تسمح له بتشكيل سلوكنا.
برمج نظام المكافأة في عقلك من خلال مواجهة تحديات أكبر، وتخيل النجاح، وتجنب الإجهاد المفرط والتوتر، وانظر إلى المواقف الصعبة على أنها فرص لمساعدة الآخرين ومساعدة نفسك على النمو.
عندما نبدأ في التحكم في عقولنا، سنكون أكثر قدرة على السيطرة على حياتنا وتحقيق أهدافنا وأحلامنا.